البداية كانت عندما تقدم الطالب غافريلو برينسيب صاحب ال19 عاما للإنتساب إلى الجيش الصربى إلا أن طلبه قوبل بالرفض بسبب قصر قامته فقرر الإنضمام إلى منظمة صربية ناشطة تدعى "القبضة السوداء" الداعية وقتها إلى إستقلال صربيا.
كلفته المنظمة هو وخمسة عناصر أخرين بإغتيال ولى عهد النمسا وأمير المجر الأرشيدوق فرانز فرديناند الذى كان فى زيارة رسمية لمدينة سراييفو الصربية.
كانت الخطة أن يترقب العناصر الخمسة خط سير موكب الأرشيدوق ، حاملا كل منهم قنبلة يدوية ليلقيها على سيارته المكشوفة أثناء مروره وهو زوجته ، على أن يتحمل غافريلو مهمة المراقبة لذلك تسلح فقط بمسدس براوننج 9ملم وإنتظر فى منطقة بعيدة كليا عن طريق موكب الارشيدوق.
سارت الخطة كما رسُمت وتمكن أحد العناصر من إلقاء القنبلة على الموكب إلا إنها وقعت خلف سيارة الأرشيدوق لينجو من محاولة الإغتيال ويتم نقله سريعا هو والمصابين إلى المستشفى ليخرج بعدها بقليل لعدم إصابته ويستكمل طريقه مع زوجته ومن عجائب القدر أن ينحرف السائق من شارع إلى زاوية بها مطعم كان بداخله غافريلو يتناول طعاما.
يسمع غافريلو موكب الارشيدوق يقترب منه معتقدا أن المهمة قد تمت بنجاح إلا أن المفاجأة تجسدت أمامه عندما رآه بعينيه فى سيارته على بعد عدة أمتار فألقى بطعامه وأخرج مسدسه وصوبه نحو الارشيدوق ولى العهد وعاجلة برصاصة قاتلة ثم تلاها بأخرى ناحية زوجته ليلقيا مصرعهما فى الحال.
سرعة الاحداث جعلت الزمن يتوقف للحظة ، ينظرالجميع حوله ليدرك الموقف يتحرك الحراس ليعتقلوا غافريلو فى مسرح الجريمة إلا إنه باغتهم وإبتلع سم كان بحوزته لكنهم علموا بفعلته وقاموا بغسل معدته وأبقوه حيا وأودعوه فى زنزانة إنفرادية وإعتقلوا باقى المتورطين معه.
مثل المتهمون جميعا أمام المحكمة وحكم عليهم بالإعدام إلا غافريلو لأن عمره 19 عاما أى إنه لا يزال قاصرا فى نظر القانون وقتها لذلك حكموا عليه بالسجن لمدة عشرون عاما مع حرمانه يوما كل شهر من الطعام جزاءا لما فعل.
لم تكن القضية وقتها قضية إغتيال ولى عهد النمسا فقط لكن ما حدث بعدها هو ما يفوق الخيال ، فبعد مرور شهر على الإغتيال أعلنت الإمبراطورية النمساوية المجرية الحرب على مملكة صربيا مما أدى إلى غضب الإمبراطورية الروسية فقامت بحشد قواتها ضد ألمانيا قبل أن تمضى لغزو فرنسا مما جعل المملكة المتحدة تعلن الحرب على الإمبراطورية الالمانية مما أدى إلى غضب الدولة العثمانية لهجومهم على ألمانيا فقررت دخول الحرب ضد الامبراطورية النمساوية و الامبراطورية الروسية.
فى عام 1914 إندلعت الحرب العالمية الاولى بين قوات الحلفاء وهم (المملكة المتحدة لبريطانيا وإيرلندا وفرنسا والإمبراطورية الروسية) وبين دول المركز ( الإمبراطورية الالمانية والامبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية ومملكة بلغاريا) وراح ضحية تلك الحرب أكثر من 16 مليون قتيل وثمانى مليون مفقود وعشرين مليون جريح أما بطل قصتنا غافريلو برنسيب فبعد حبسه لمدة 4 سنوات من حادثة الاغتيال وقبل أشهر قليلة من نهاية الحرب إستفحل فيه مرض السل العظمى وفتك بعظامه ليجعل وزنه 40 كيلو جراما فقط ليموت بنهاية الحرب مطويا صفحة من التاريخ لا يريد أحد أن يتذكرها إلا أن أحدا لن ينساها.